المُبَنَّدُون.. في (علامة الجودة)..؟ حمّاد بن حامد السالمي
ومن أي جهة أو مؤسسة أو مدينة أو قرية أو هجرة؛ خرج علينا هذا المخترع المبدع، الذي عاش أو عاث فينا، ثم سرعان ما اختفى عن الأنظار، وذاب في بحور من ظلمات التبنيد..؟!
وجد مئات آلاف الموظفين في شتى القطاعات أنفسهم داخل صندوق التوظيف على بند الأجور، وهو صندوق أسود، مليء بالحسرة والندم، ومحفوف بالمخاطر والمخاوف، ولكي يخرجوا منه إلى نور الوظيفة الرسمية، قدموا تضحيات كبيرة، واحتاجوا إلى سنوات وسنوات، انسلخت من أعمارهم وحياتهم غصباً عنهم، وليت أنهم كلهم تمكنوا من الانفلات والخروج إلى عالم الأمن الوظيفي، الذي ينعم به موظفو الدولة المرسمين على مراتب ودرجات وظيفية، تنسجم مع كفاءاتهم ومؤهلاتهم، وتحفظ لهم حقوقهم المالية والمعنوية.
الدولة أدركت هذا المطب الذي بنَّده أو بلَّطه (السيد بند) ذات يوم، ليتعثر فيه مئات آلاف الموظفين هم وأسرهم، فشرعت في التخلص منه بشكل نهائي، وتوجت القرارات الملكية الصادرة عن خادم الحرمين الشريفين حفظه الله هذا التوجه الإصلاحي لخلل إداري ضار، وذلك بترسيم كافة موظفي وموظفات البنود، وتحقيق العدالة والطمأنينة لعدد كبير من المواطنين والمواطنات، الذين كانوا على (رف) أو (رفرف) التوظيف، فاستبشر الجميع بذلك، وفرح الجميع لذلك، وتحقق هذا المطلب في جهات، لكنه لم يتحقق في جهات أخرى، حتى أصبح الأمر محيراً لكل ذي لب: من؟ ولماذا؟ ومتى؟
من يقف ضد ترسيم بعض موظفي البند؟ هل هي جهات ومؤسسات بعينها؟ أم هم أفراد وأشخاص لم يقرأوا الأوامر الملكية بشكل جيد؟ ولماذا يحدث هذا؟ ومتى تتخلص هذه الجهات والمؤسسات المتخلفة عن تنفيذ أوامر الترسيم، من عقدة التبنيد التي ما زالت تُطْبق بها على موظفيها ومنسوبيها؟
يقول: أنا واحد من موظفي (الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة)، موظف على بند أجور اسمه: (بند علامة الجودة)، والحقيقة أنه ليس له من اسمه نصيب البتة، فمخصصاتنا متواضعة مقطوعة، ليس لها علاوات سنوية مثل بقية الموظفين، ولا بدل سكن، ولا بدل نقل، ولا حتى تأمين صحي. لكأني والمبندين المئة والخمسين من أمثالي على (بند علامة الجودة)، لا نمرض، ولا نحتاج إلى دواء، لا نحن ولا نساؤنا وأطفالنا..!
علاوة على ذلك- وهذه من جودة (بند علاوة الجودة) على ما يبدو- لم نحصل على حقوقنا في التأمينات الاجتماعية، حتى بعد أن كفل خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، نفقات تأمين الخدمة لكافة سنوات خدمة موظفي هذا البند؛ بمبلغ (خمسة ملايين ريال)، فإننا قد طالبنا وراجعنا، حتى مللنا من المطالبة والمراجعة، والهيئة الموقرة إياها، لم تدفع من هذه الحقوق سوى القليل جداً.
نحن يا سيدي؛ لم نسكت، فقد طالبنا وشكونا وتظلمنا ابتداءً من هيئتنا وليس انتهاءً بوزارة الخدمة المدنية، التي طلبت في خطابها إلى الهيئة برقم 495 وتاريخ 28 /4 /1432هـ تزويد اللجنة المختصة بوزارة الخدمة المدنية بالمعلومات اللازمة والتعاون، لتنفيذ الأمر الملكي الكريم بترسيم موظفي البند.
بعد ذلك؛ سألت أخي المبند على (بند علامة الجودة): ماذا تريد أنت وبقية المبندين خلفك؟ قال: ليس أكثر من الرفع – بأسرع وقت – بأوراقنا إلى وزارة الخدمة المدنية، لإنجاز معاملات تثبيتنا على وظائف رسمية، تنفيذاً للأمر الملكي الكريم، وحفاظاً على الفرصة المتاحة لحل مشكلة البند الذي ملّنا ومللناه، ثم صرف كامل مستحقاتنا عن سنوات الخدمة على البند في التأمينات الاجتماعية ، وذلك.. تمهيداً لترسيمنا على المراتب المستحقة، بناءً على سنوات خدمتنا.
متى نتخلص من (خصوصية البند)، لكي نحتفل بإطلاق آخر موظف سعودي مُبَنَّد في الصندوق الأسود..؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق